كثيرًا لذكر الله، كثيرًا لذكر الموت، طويل الاجتهاد قال: قلتُ كيف رأيت موضعك؟ قال: ليس يعلمُ ما في القبور داخله إلا الإله وساكن الأجداث ثم ولىّ وتركني.
وعن الفُضيل بن مُهلهل أخُ المفضل وكان من العابدين قال: كان جليسٌ لنا، حسنَ التخشع والعبادة، يقال له: مُجيب وكان من أجمل الرجال فصلَّى حتَّى انقطع عن القيام وصام حتى اسود ثم مرض فمات وكانَ محمد بنُ النظر الحارثي له صديقًا، ومات محمد قبله قال: فرأيتُ محمدًا في منامي بعد موت مجيب، فقلت: ما فعل أخوك مجيب؟ قال: لحقَ بعمله، فقُلت: كيفَ وجهُه ذاك الحسن؟ قال: أبلاهُ واللهِ الترابُ قال: قُلُت كَيفَ وأنت تقولُ لحقَ بعمله؟ قال: يا أخي أما علمتَ أن الأجسادَ في القبور تبلى وأن الأعمال في الآخرة تحيى، قلتُ: يبلون حتى لا يبقى منهم شيء، ثم يحيون يوم القيامة، قال: أي والله يا أخي يبلونَ حتى يصيرون رفاتًا، ثم يحييون عند الصيحة كأسرع من اللمح (١).
وأنشد بعضُهم:
ما حال من سكنَ الثرى ما حالُه ... أمسى وقد رثَّت هناك حِباله
أصمى ولا روحُ الحياة تُصيبهُ ... أبدًا ولا لطفُ الحبيب يَنالهُ
أمسى وقد دَرَسَت محاسن وجهه ... وتفرقتْ في قبره أوصالهُ
واستُبدِلتْ منه المجالس غيرَه ... وتقسَّمت من بعده أمواله