للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القبور، وقد نَتِنَتْ حَدَقتايّ! وفي نسخة: عيناي على وجنتي، وخرَجَ الدّودُ والصّديدُ من منخري، لكنتَ لي أشد نُكرة (١).

وقال رجلٌ لعمرَ بن عبد العزيز رضي الله عنه، تغيّرتَ بعدنا فقال له عمر: وتبيّنتَ ذلك فقال له: الأمر أعظم من ذلك، فقال له: يا أبا فُلان: فكيفَ لو رأيتَني بعد ثلاث، وقد أدخلتُ قبري، وقد خَرجَت الحدقتانِ فسالتا على الخدينِ، وتقلَّصتِ الشفتان عن الأسنان، وانفتح الفم ونتأ البطن فَعَلىَ على الصّدر، وخرج الصديد من الدُبر (٢).

قال الحافظ وقد رُوي عنه من وُجوه متعددة، أنَّه قال في آخر خُطبة خَطَبها رضي الله عنه: ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، ثم يرثها بعدكم الباقون، كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين، وفي كلّ يومٍ تُشيعون غاديًا ورائحا قد قُضى به نحبه، فتودعونه، وتَدَعُونه في صاع من الأرض غير ممهد، ولا مُوَسَّد، قد فارق الأحباب وخلع الأسباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنيًا عما خَلَّفَ فقيرًا إلى ما قدم (٣).

وكان ينشدُ هذه الأبيات، قال الحافظ ويروى أنه كان في جنازة


(١) رواه ابن سعد في الطبقات ٥/ ٣٧١.
(٢) رواه البيهقي في "الشعب" (٧٤٣٧).
(٣) حلية الأولياء ٥/ ٢٦٦ و ٢٨٧ و ٢٩٥.