تنبّه قبل الموت إن كنت تعقلُ ... فعمّا قليل للمقابر تُنقَل
وتمُسي رهينا في القبور وتُنسَى ... لدى جدثُ تحت الثرى تتجندل
فريدًا وحيدًا في التراب وإنما ... قرين الفتى في القبر ما كان يَعمل
فوا أسفىَ ما يفعلُ الدود والثرى ... بوجهٍ جميل كان لِلهِ يخجَل
وما يفعل الجسمُ الوسيم إذا ثوى ... وصارَ ضجيعَ القبر يعلوه جندل
وبطنى بَدا فيه الرَدى ثم لو ترى ... دقيق الثرى في مقلتي يتهرول
أعينايَ جُودا بالدمُوع عليكما ... فحزني على نفسي أحق وأجملُ
أيا مدّعي حُبِّي هلمّ بنا إذا ... بكى الناسُ نبكي للفراق ونهملُ
دَعِي اللهوَ نفسي واذكري حفرة البلا ... وكيفَ بنا دود المقابر يفعل
إلى الله أشكو لا إلى الناس حالتى ... إذا صرتُ في قبري فريدًا أململ
ولبعضهم:
أبقيْتَ مالك ميراثًا لوارثه ... فليتَ شعري ما يُبقي لك المالُ
القومُ بعدك في حال تسرُهم ... فليتَ شعري ما آلت بك الحالُ
مَلُّوا البكاء فما يبكيك من أحد ... واسْتحكم القيلُ في الميراث والقالُ
مالت بهم عنك دنيا أقبلت لهم ... وأدبرت عنك والأيام أحوال
تتمّه في حكايات غريبة، وأخبار عجيبة عن الموتى
منها ما رواه الحافظ الذّهبي (١)، أن أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله، أحد أئمة الحديث، دعاه الواثق إلى القول بخلق القرآن فأبى، فضرب عنقه وصُلب رأسه ببغداد، ووُكِّلَ بالرأس مَنْ يَحفظه، ويصرفُه
(١) انظر "سير أعلام النبلاء" ١١/ ١٦٧ - ١٦٨.