للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجعنا من دفن ميت مع ابن السماك، فأنشأ ابن السماك يقول:

يَمُر أقاربي جنباتِ قبري ... كأن أقاربي لا يعرفوني

وذُو الميراث يقتسمون مالي ... ولا يألون أن جَحدوا ديوني

وقد أخذوا سهامهم وعاشوا ... فبالله، أسرع ما نسوني

وقال ابن السماك أيضًا لما انصرفت الناس من جنازة داود الطائي رحمه الله:

انصرف الناس إلى دورهم ... وغُودر الميت في رمسه

مرتهنُ النفس بأعماله ... لا يرتجى الإطلاقَ من حبسه

لنفسه صالح أعماله ... وما سواها فعلى نفسه

ولبعضهم:

قف بالمقابر وانظر إن وقفت بها ... لله درّك ماذا تستر الحفُر

ففيهم لك يا مغرورُ ... موعظة وفيهم لك يا مغترُ معتبر

ولبعض المتقدمين:

تزوَّد قرينا من فعالك إنما ... قرينُ الفتى في القبرِ ما كان يعملُ

وإن كنت مشغولًا بشيء فلا تكن ... لغير الذي يَرضَى به الله تشغلُ

فلن يصحبَ الإنسانُ من بعد موته ... إلى قبره إلَّا الذي كان يَفعل

ألا إنما الإنسان ضيفٌ لأهله ... مقيمٌ قليلا عندهم ثم يرحل (١)

وقال مؤلّف هذا الكتاب، وقلبه في طماطيم التّحسّر والالتهاب شعرًا:


(١) "أهوال القبور" ص ٢٤٤: ٢٤٨.