للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يا مالكُ بنُ دينار هذه هدية المؤمنين إلى إخوانهم أهل المقابر قلتُ: بالذي أنطقك ألا أخبرتني ما هو؟ قال: رجلٌ من المؤمنين قام في هذه الليلة فأسبغ الوضوء وصلَّى ركعتين، قرأ فيهما فاتحةَ الكتاب وقُل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وقال: اللهم إني قد وهبتُ ثوابَها لأهل المقابر من المؤمنين، فأدخل الله علينا الضياء والنور، والبهجة والسرور في المشرق والمغرب.

قال مالك: فلم أزل أقرؤها في كل جمعة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامي يقولُ لي: يا مالك قد غفر الله لك بعدد النور الذي أهديته إلى أمتي ولك ثواب ذلك، ثم قال وبَنَى الله لك بيتًا في الجنة، في قصر يقال له المنيف قلت: وما المُنيف قال المطل على أهل الجنة.

وهذه الأخبار وشبهها وإن كانت ضعيفة، فمجموعها يدل على أنّ لذلك أصلًا وبأنَّ المسلمين ما زالوا في كل مصر يجتمعون، ويقرؤن لموتاهم من غير نكير (١)، فكانَ ذلك إجماعًا ذكر ذلك كُلَّه الحافظُ شمس الدين بن عبد الواحد المقدسي، من أصحابنا رضي الله عنه.

قال القرطبي في التذكرة: وقد كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام (٢) يُفتي بأنه لا يصل إلى الميِّت ثوابَ ما يُهدَى إليه من


(١) الاجتماع على قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت بدعة سواء كان في بيت الميت أو عند قبره، أما إذا قرئ القرآن بدون اجتماع وأهدي ثوابه فهذا جائز عند جمع من العلماء والله أعلم.
(٢) الفتاوى (/ ٢٤) وهو رأي ابن كثير في تفسيره لآية {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}.