للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل، وكان عاملًا لعمر ثم لعثمان على الشام، وكان يرجو أن يُبقيه عليُّ على عمله وقد كان الحسن بن عليّ، وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما أشاروا عليه بإبقائه على الشام حتى يأخذ له البيعة، ثم يفعل فيه ما شاء، فقال عليُّ: هيهات، لو علمت أن المداهنة تنفعني في دين الله لفعلت، ولكن الله لم يرضَ لأهل القرآن بالمداهنة، فبلغ معاوية فحلف أنه لا يلي لعليّ عملًا أبدًا وكان عمرو بن العاص على مصر، فعزله أيضًا فاجتمع عمرو ومعاوية واتفقا على الخروج.

وقد أخرج الطبراني عن شداد بن أوس مرفوعًا: "إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص ففرقوا بينهما" (١)، وكان شدّادُ إذا رآهما جالسَيْن على فراش جلس بينهما، ولما فرغ عليّ من وقعة الجمل ورجع إلى الكوفة أرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس، فامتنع، فقال له أبو مسلم الخولاني: أنت تنازع عليا في الخلافة، وأنت مثله قال: لا وإني لا أعلم أنه أفضل، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قُتِل مظلومًا، وأنا ابن عمه ووليه أطلب بدمه فأتوا عليًا فقولوا له: يدفع لنا قتلة عثمان.

فأجاب معاوية أهل الشام، فأرسل إليه معاوية أبا مسلم يطلبُ بدم عثمان، وإنه وليه وابن عمه قال: يدخل في البيعة، كما فعل


(١) الطبراني في الكبير (٧١٦١) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ٢٤٨ وعزاه للطبراني وقال: فيه عبد الرحمن بن يعلى بن شداد ولم أعرفه.