للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس، ثم يحاكمهم إليّ، فتجهز معاوية من الشام وعليّ من الكوفة فالتقيا بصفين فتقاتلوا قتالًا شديدًا حتى بلغت القتلى ثلاثين ألفًا.

قال في "التذكرة" (١): وكان مقام عليّ ومعاوية بصفين سبعة أشهر، وقيل: تسعة أشهر، وقيل ثلاثة أشهر وقتل في ثلاثة أيام من أيام البيض - وهي ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر - ثلاثة وسبعون ألفًا من الفريقين.

ذكره الثقة العدل أبو إسحاق: وفي تلك الليالي ليلة الهَرير جعل يهر بعضهم إلى بعض، والهرير: الصوت يشبه النياح لأنهم ترامَوا بالنبل، حتى فنيت وتطاعنوا بالرماح، حتى اندقت، وتضاربوا بالسيوف حتى انقضبت، ثم نزل القوم يمشي بعضُهم إلى بعض، قد كسروا جفون سيوفهم واضطربوا بما بقي من السيوف وعمد الحديد فلا يُسمع إلَّا غمغمة القوم والحديد في الهام، فلما صارت السيوف كالمناجل، تراموا بالحجارة ثم جثوا على الركب، فتحاثوا بالتراب، ثم تَكَادَمُوا بالأفواه، وكسفت الشمس، وثار القتام، وارتفع الغبار، وضلَّت الألوية والرايات، ومرت مواقيت أربع صلوات لأن القتال كان بعد صلاتهم الصبح، واقتتلوا إلى نصف الليل، وذلك في شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين، قاله الإمام في تاريخه، وكان أهل الشام


(١) "التذكرة" ٢/ ٢٢٠.