للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استأذن الحكم بن أبي العاص على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرف صوته فقال: "اءذنوا له حية أو لد حية لعنة الله عليه، وعلى كل من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم، وقليلًا مّا هم" (١) قال في "الإشاعة" (٢): وهذا الاستثناء إشارة إلى عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، وأمثاله منهم انتهى. ويروى أنهم يُعظمون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق، ومن جملة ما وقع في زمنهم ما وقع في زمن أشقاهم: يزيد لا زال غضب الباري عليه يزيد، من قتله السبط الشهيد، وريحانة رسول الملك المجيد، الإمام أمير المؤمنين حسن بن عليّ عليهما السلام، وهو بقية الخلفاء الراشدين فإنَّه وَلي الخلافة ستة أشهر، وهي بقيةُ مدة الخلافة التي أخبر بها المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ نزل لمعاوية عنها فصارت مُلكَا كما مر وسبب ذلك أن يزيداً زاده الله بُعدًا من رحمته، أرسل إلى زوجة سيدنا الحسن، جعدة الكندية أن تسمَّه ويتزوجها، وأرشاها بمائة ألف درهم ففعلت، فمرض أربعينَ يومًا، وجهد به أخوه الحسين - رضي الله عنه -، أن يخبره بمن سمّه فأبى وقال الله أشدّ نقمة وأجد كبدي تقطع، وإني لعارف من أين دُهيت، يُشير إلى أنَّه من قِبَل يزيد، ثمَّ قال لأخيه رضي الله عنهما فبحقي عليك لا تكلمتَ في ذلك بشيء وأقسم عليك أن لا تريق في أمري محجمة دم، وقال له إياك وسفهاء الكوفة أن يسخفوك فيخرجوك، والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة، وقد كنتُ طلبت من عائشة أن أدُفن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه الحاكم في المستدرك ٤/ ٥٢٨.
(٢) ينظر هذا وما قبله وما بعده ص ٢٢.