للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: لئن لم يدخل هذا الخبيث النارَ إنها لمصيبة، وأنا لا أشك في كفر هذا الخبيث.

فلما حَضرته اللّعنة وقَرُبَ هلاكه نادى حُصين بن نُمير، وقال له: أمير المؤمنين قُلْتُ: إنما هو خَبيثُ المؤمنين، يعني: يزيد ولاك بعدي، فأسرع السيرَ ولا تؤخر قتال ابن الزبير، وأمرَهُ أن يَنصُبَ المجانيق على مكة، وقال له: إن تعوَّذَ بالبيت فارمه. فذهب وحاصر مكة أربعًا وستين يومًا وجرى فيها قتال شديد، ورمي البيتَ بالمجانيقَ وأخَذ رَجلٌ قبسا في رأس رُمح فطارتْ به الريح، فأحرق البيتَ.

فجاءهم نعي يزيد، وكان بين الحرّة وهلاكه ثلاثة أشهر، فلما عَلموا بهلاكه ذلّت أهل الشام، واجترأ أهل مكة والمدينة عليهم، حتى كان لا ينفرد منهم رجل إلا أخذ بلجام دابته، فنكِّس عنها فَقالَ أهلُ الشام لبني أُميّة لا ترحلوا حتى تحملونا معكم إلى الشام، ففعلوا.

ومضى ذلك الجيش حتى دخل الشام، فبويع لابن الزبير بالحجاز، وبايع أهل الآفاق كلها لمعاوية بن يزيد رحمه الله: وكان رجلًا صالحًا، فقام خطيبا فقال: أيها الناس إن معاوية نازع هذا الأمر أهلَهُ، وخاض في دماء المسلمين حتى غلب عليه، ثمَّ مات فالله أعلم بما هو صائر إليه، وإن أبي يزيد نازع هذا الأمر أهله وقتل أولاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأهل الحرمين، ونصب على مكة المجانيق، ثمَّ مات فالله أعلم بما هو صائرٌ إليه، وإنكم قلدتموني هذا الأمر، فوالله لا أذهب بإثمه وتذهبون بنعيمه، ولا أدخل في شيء من دماء