للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاقاها من الشجر الأخضر والحصى من قوة الحرّ، وإن طرفها الشرقي آخذ بين الجبال، فحالت دونها فوقفت وإن طرفها الغربي وهو الذي يلي الحرم، اتصل بجبل يقال له وعيرة على قرب من شرقي أحد، ومضت في الشظاة التي في طرفه فطفئت قال: وأخبرني من أعتمد عليه أنَّه عاين حجرًا ضخمًا من حجارة الحرة، كان بعضه خارجًا عن حدّ الحرم فعلقت بما خرج منه، فلما وصلت إلى ما دخل منه في الحرم طفئت وخمدت، قال: فهذا أولى بالاعتماد من كلام المطرزي: إنها كانت تحرقُ الحجر دونَ الشجر وإن رجلًا مد إليها نبلًا فأحرقت النصل، ولم تحرق الخشب فإن المطرزي لم يُدرك هذه النار.

قال المؤرخون: واستمرت هذه النار مدة ظهورها تأكل الحجارة والجبال، وتسير سيرًا ذريعا في واد يكون مقداره أربعة فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامتان ونصف، وهي تجري على وجه الأرض فيذوب الصخر حتى يبقى مثل الماء، فإذا جمد أسود بعد أن كان أحمر ولم يزل يجتمع من هذه النار [الحجارة] (١) الذائبة في آخر الوادي، عند منتهى الحرة حتى قطعت في وسط وادي الشظاة، إلى جهة جبل وعيرة، فسدت الوادي المذكور بسد عظيم، من الحجر المسبوك أعظم من سد ذي القرنين.

قال العماد بن كثير (٢): أخبرني القاضي صدر الدين الحنفي قال: أخبرني والدي صفي الدين مُدرس مدرسة بصرى: أنَّه أخبرَهُ


(١) ليست في (أ).
(٢) انظر البداية والنهاية ٣/ ١٨٢، ١٨٣.