للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبرزه ندم، فيقولُ كنتُ أجشع: أي أحرص أمّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، أعجز عني ما وسعهم قال: فيردُّه فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئًا أعطيناه، تنعَمُ الأمّة بَرُّها وفاجرها في زمنه، نعمة لم يسمعوا بمثلها قط، وتُرسَلُ السماء عليهم مدرارا، لا تدّخر شيئًا من قطرها وتؤتى الأرض أكلها لا تدّخر عنهم شيئًا من بذرها.

تجرى على يديه الملاحم، يستخرج الكنوز ويفتح المدائن ما بين الخافقين، يُؤتَى إليه ملوك الهند مُغَلَّلين، وتجعل خزائنهم لبيت المقدس حُلِيَّا، يأوي إليه الناس كما يأوي النحل إلى عسوبها، حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأوّل يمدّه الله بثلاثة آلاف من الملائكة، يَضربونَ وجوه مُخالفيه وأدبارهم، جبريلُ على مقدمته وميكائيل على ساقته، ترعى الشاة والذئب في زمانه في مكان واحد، وتلعب الصبيان والحيّاتُ والعقارب، لا تضرهم شيئًا ويزرع الإنسان مُدّا فيخرج له سبعمائة مدّ، ويرفعُ الرّبا والزنا، وشرب الخمر، وتطول الأعمار وتؤدَّى الأمانة وتهلك الأشرار، ولا يبقى من يبغض آل محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، محبوبٌ أي المهدي في الخلائق، يُطفئ الله به الفتنة العمياء، وتأمن الأرض حتى أن المرأة تُحج في خمس نسوة، ما معهن رجل (١)، ولا يخفن شيئًا إلا الله، مكتوب في شعائر الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب.

قال ابن حجر في "القول المختصر": ولا ينافي هذا أن عيسى يفعل


(١) هذه الفقرة في الفتن لنعيم بن حماد ١/ ٣٥٦ عن الوليد عمن حدثه وقرأه عن كعب من قوله!
وفيه من العلل ما يكفي لرده، فضلاً عن ضعف نعيم.