للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحج الناس في تلك السنة من غير أمير، فيطوفون جميعًا فإذا نزلوا مني أخذ الناس كالكلاب، فيثور القبائل بعضُهم على بعض، فيقتتلون ويُنهب الحاجُ، وتسيل الدماء على جمرة العقبة، ويأتي سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد، قد بايع لكل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر فيجتمعون بمكة، ويقولُ بعضُهم لبعض: ما جاء بكم فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه الفتن، وتفتح له قسطنطينية، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه.

قال في "الإشاعة" (١): لم أقف على اسم أمّ المهدي بعد الفحص والتتبع، ولعلَّهم يعرفون اسمها من طريق الكشف (٢)، لا من طريق النقل. انتهى. فيقف السبعة على ذلك فيطلبونه، فيصيبونه بمكة، فيقولون أنت فلان فيقول: بل أنا رجلٌ من الأنصار، فيتفلت منهم فيصفونه لأهل الخبرة منهم والمعرفة به، فيقولون: هو صاحبكم الذي تطلبونه، وقد لحق بالمدينة فيطلبونه بالمدينة، فيخالفهم إلى مكة وهكذا إلى ثلاث مرات، ويسمع صاحبُ المدينة بطلب الناس للمهدي، فيجهز جيشًا في طلب الهاشميين بمكة، ويأتي أولئك السبعة فيصيبونه في الثالثة، بمكة عند الركن، ويقولن: إثْمُنا عليك ودماؤنا في


(١) "الإشاعة" ص ٩٣ - ٩٤.
(٢) الكشف من بدع الصوفية وهو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودًا وشهودًا، كما في التعريفات للجرجاني ص ٩٧.
والصحيح منه هو "الفراسة".