للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يدعيه من الكهانة، ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه - صلى الله عليه وسلم - ليروز به أمره، ويختبر به شأنه، فلما كلمه، علم أنه مبطل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة، أو ممن يأتيه رِئي من الجن، أو يتعاهده شيطان، فيُلقي على لسانه بعض ما يتكلم به، فلما سمع منه قوله الدُّخ، زبره، فقال: "اخسأ فلن تعدو قدرك" يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدر الأنبياء الذين أوحى الله إليهم من علم الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يُلهمون العلم، فيصيبون بنور قلوبهم الحق، وإنما كانت له تارات يُصيب في بعضها، ويخطئ في بعض، وذلك معنى قوله: يأتيني صادق وكاذب فقال له عند ذلك: "خلط عليك" فالجملة من أمره أنه كان فتنةً قد امتحن الله عباده المؤمنين {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} " وقد امتحن الله قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل، فافتتن به قوم وهلكوا، ونجا مَنْ هداه الله وعصمه منهم.
وقال الإمام النووي (١٨/ ٤٦ - ٤٧) قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره، ولا شك في أنه دجال، والظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوح إليه في أمره بشيء، وإنَّما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان - صلى الله عليه وسلم - لا يقطع في أمره بشيء بل قال لعمر"لا خير لك في قتله" ا. هـ
وقال الحافظ ابن كثير رحمنا الله وإياه في "النهاية" (١/ ١٠٤) والأحاديث الواردة في ابن صياد كثيرة وفي بعضها التوقف في أمره هل هو الدجال أم لا؟ فالله أعلم، ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يوحى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن الدجال وتعيينه، وقد تقدم حديث تميم الداري في ذلك، وهو فاصل في هذا المقام، وسنورد من الأحاديث ما يدل على أنه ليس بابن صياد، والله تعالى أعلم وأحكم.
وقال أيضًا (١/ ١٥٧) وقد قدمنا أن الصحيح أن الدجال غير ابن صياد، وأن ابن صياد كان دجالًا من الدجاجلة، ثم تاب بعد ذلك فأظهر الإسلام والله أعلم بضميره وسيرته. ا. هـ محل المقصود منه