للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلْتُ: حيث ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم عليه أنه الدجال، فلا محصل للسؤال، إذ هو أعلم بحقيقة الحال، والله الموفق. ولقد كنتُ جزمتُ أن الدجال هو ابنُ صياد تبعًا لأئمة الحديث، ومضى على ذلك مدة أفُتي من سألنا عن الدجال بأنه ابن صيّاد إلى أن ظهر لي أن الدجال هو الذي أخبر تميم عنه، وقرر المصطفى ذلك، وبلغه الصحابة، وأن ابن [صياد] (١) كلامه في غاية الجودة، من أن ابن صياد شيطان الدجال، كما مر على أن لي في ذلك وقفة. إذ ليسَ كونُ الدجال هو الذي في الجزيرة، وأنه شيخُ وأن ابن صياد كالمحتلم، وأنه بين ظهراني الصحابة بأعجبَ مما يأتي به الدجال من الفتن، فلعل هذا من ذاك واللهُ سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال، وإليه المرجع والمآل لا نحصى ثناء عليه عز جازه وجل ثناؤه فنعوذ بك اللهم من فتنة الدجال، ومن مُضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، فأنت حسبُنا وكفى (٢).


(١) ما بين القوسين لعله ابن حجر كما في ص ٦١٠.
(٢) قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمنا الله وإياه فيما نقله عنه البغوي في (١٥/ ٧٤، ٧٥) شرح السنة، وقد اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافًا شديدًا، وأشكل أمره حتى قيل فيه كل قول، وقد يسأل عن هذا، فيقال: كيف يقارُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يدَّعي النبوة كاذبًا، ويتركه بالمدينة يُساكنه في داره، ويجاوره فيها، وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من آية الدخان، وقوله بعد ذلك "اخسأ فلن تعدو قدرك"؟!
قال أبو سليمان: والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود وحلفاءهم، وذلك أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتابًا صالحهم فيه على أن لا يهاجموا، وأن يُتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم، أو دخيلًا في جملتهم، وكان يبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبره وما=