للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحتى إنّ دَوابَّ البحر تسمَنُ وتشكر شكرًا من لحومهم، ودمائهم ويهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم أي: ريحُهم من الجيف فيؤذُونَ الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون بالله، فيبعَثُ اللهُ ريحًا يمانية غبراء فتصير على الناس غما ودخانًا ويقعُ عليهم الزكمة ويكشَفُ ما بهم بعد ثلاثة أيام، وقد قذفت الأرض جيفهم في البحر".

وفي رواية: "فيرغبُ نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرُسل طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللهُ" وفي رواية "فترميهم إلى البحر"، وفي رواية "في النار"، ولا مُنافاةَ لأنّ البحر يسجر، فيصير نارًا يوم القيامة، "ثم يرسل الله مطرًا لا يكن منه بيتُ مدر ولا وَبر فيغسِلُ الأرضَ حتى يتركها كالزلقة" أي: كالمرآة بحيثُ يَري الإنسان فيها وجهَهُ من صفائها.

قال القاضي عياض: في "مشارقه" يروي بالفاء وبالقاف، وبالوجهين ضبطناه في "مسلم" عن مُتقني شيوخنا، وبهما ذكره أهل اللغة وفسرها ابن عباس رضي الله عنهما: بالمرآة، وقاله ثعلب وأبو زيد. وقال آخرون: هو بالفاء الإجانة الخضراء وقيل الصحفة. وقيل: المحارة وقيل: المصانع الممتلئة ماء (١) انتهى. وتفسير ابن عباس أظهر، "ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك (وردي) (٢) بركتك فيومئذ تأكل


(١) "المشارق" ١/ ٣١٠ - ٣١١.
(٢) في جميع الأصول (وروي) والصحيح ما أثبتناه من سنن ابن ماجه.