للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزال إبليس ساجدًا باكيًا حتى تخرجَ الدابة (١) فتقتله، وهو ساجد".

تنبيه: في سؤال إبليس أن يُنظرَ ليوم البعث مكر وخداع، وجهل برب العالمين، فإنه حاول أن لا يذوق طعم الموت؛ لأن يومَ البعث ليسَ يوم موت، وإنما هو يومُ بعثٍ ونشورٍ، وبعْثر مَنْ في القبور، فإذا كانَ الأمر كذلك، فكيف يُقبض إذ ذاك إبليس أو غيره؟ وإنما ذلك يومُ الجزاء والله أعلم.

وفي "العرائس" (٢) عن كعب الأحبار، أن إبليس إنما يذوقُ طعمَ الموت يوم الحشر، قال: ينزلُ إليه ملك الموت، وقد لبس ثياب السخط والغضب، ومعهُ أعوانٌ لا تُحصى كثرتهم، وله قوة لا تُطاق، وبأس لا يذاق، ومعه سبعون ألفًا من الزبانية (٣) قد مُلئوا غيظًا، ومع كُلِ واحدٍ سلسلةٌ من سلاسل لظى، وغلٌ من أغلالها، فنعوذ بالله من نكالها، ويأمر الله تعالى مالكًا بفتح أبواب النيران، وبتسعيرها مع الخزان، وينزل ملك الموت في صورة لو نظر إليه أهل السموات السبع لماتوا، ولو نظر إليه أهل الأرض لتفطرت مرائرهم من الفزع.

قال: فينتهي إلى أبليس لعنَهُ الله ويزجره، فيصيح صيحةَ لو سمعَها أهلُ الدنيا لماتُوا منها فيهرُبُ إلى المشرق فيجد ملكَ الموتِ أمامه، فيغوصُ في البحر فلا يقبله، فلا يزال يهرب في الأرض


(١) رواه نعيم بن حماد ٢/ ٦٥٤، ورواه الحاكم بلفظ مخالف ٤/ ٥٦٦.
(٢) كتاب "عرائس المجالس" لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي وهو يشتمل على قصص كثيرة أكثرها غرائب وموضوعات وإسرائيليات.
(٣) في (ب): (الملائكة).