للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذكر منها الدخان"، ورواه الترمذي وابن ماجه "وإنه يمكثُ في الأرض أربعين يومًا" (١).

وفي حديث حذيفة: "إن من أشراط الساعة، دخان يملأ ما بين المشرق والمغرب، يمكثُ في الأرض أربعين يومًا، فأما المؤمن: فيصيبُه منه شبه الزكام، وأما الكافرُ: فيكون بمترلة السكران، يخرج الدُخان من فمه ومنخريه وعينيه وأذنيه ودبره" (٢).

وقيل: إن الدخان مَرَّ وأنه الجوع الذي كان حال بين أبصار قريش، وبين السماء. ففي الصحيحين قال مَسروق: كُنا عند ابن مسعود جُلوسًا وهو مضطجع بيننا، فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن قصّاصًّا عند أبواب كندة، يقولُ في قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] إنه دخان يأتي قبل يوم القيامة يأخذ بأنفاس الكفار والمنافقين، وأسماعهم وأجسادهم، ويأخذ المؤمنين منه مثل الزكام، فجلس ابن مسعود وهو غضبان فقال: يا أيها الناس اتقوا الله، من علِم شيئًا فليقلُ بما يعلم، ومن لا يعلم فليقُل الله أعلم، فإن الله تعالى قال لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦] وسأحدثكم عن ذلك، إن قريشًا لمّا أبطأت عن الإسلام، دعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اللهم سبعَ سنينِ كسني يوسف عليه الصلاة والسلام، فأصابهم من الجهد


(١) كما في حديث النواس عند الترمذي (٢٢٤٠)، وابن ماجه (٤٠٧٥).
(٢) الطبري في تفسير سورة الدخان آية (١٠) أورده القرطبي في تفسيره ١٦/ ١٣١ وعزاه للثعلبي.