للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشرق. قال القُرطبي: وأما اللذان في الآخرة فحشرُ الأموات من قبورهم بعد البعث جميعًا قال تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: ٤٧] وحشرهم إلى الجنة والنار (١).

قال الحافظ ابن حجر عن الأول يعني: المذكور في سورة الحشر ليس حشرًا مستقلًا فإن المرادَ حشرُ كل موجودٍ يومئذ، والأول إنما وقع لفرقة مخصوصة أي: وهم يهود. وهذا وقع كثيرًا، كما وقع لبني أُميّة حين أخرجهم ابن الزبير من المدينة إلى جهة الشام.

وأجيب بأنّ المراد ما سُمّي حَشرا على لسان الشارع، وقد سمَّى الله الأول حشرا والله أعلم.

تنبيه: اختلف العلماء: هل الحشرُ يومَ القيامة أم قبله؟

قال القرطبي (٢) والخطابي (٣)، وصوّبه القاضي عياض (٤)، وقوّاه بحديث حُذيفة بن أسيد: إن هذا الحشر يكون قبل يوم القيامة بحشر الناسِ إلى الشام، وأمّا حشرُ من في القبور، فهو على ما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في الصحيحين وغيرهما مرفوعًا: "إنكم تحشرون حفاة عُراة غرلا" (٥).

وقال الحكيم الترمذي والغزالي (٦): هو يومُ القيامة ويدلّ له حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما: يحشر الناسُ


(١) "التذكرة" ص: ٢٢٨.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٥٣
(٣) "أعلام الحديث" ٣/ ٢٢٦٩.
(٤) "إكمال المعلم" ٨/ ٣٩١.
(٥) رواه البخاري، ومسلم (٢٨٦١)، وابن حبان (٧٣٣٦).
(٦) "إحياء علوم الدين" ٤/ ٦٤١.