للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتابع. وقوله: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)} [القارعة: الآية ٥] قال البغوي: كالصوف المندوف (١)، وقال الثعلبي: إنّ أوّلَ ما تتغير الجبال تصيرُ رَملًا مهيلا، ثم عِهنا منفوشا، وهُو الصوف المصبوغ، فلا يُقالُ العِهنُ إلَّا للمصبوغ، ثم هباء منثورا.

ومنها قوله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: ٨٨] قال العلامة عن بعض المفسرين معناه: أنه إذا كانت الجبالُ هباء منبثا يُسيِّر اللهُ ذلك الغبارَ بينَ السّماء والأرض كالسحاب، قال وظاهر كلام الزمخشري: أنها تسيرُ كالسحاب، فإذا نظرَ إليها الناظرُ حسبها واقفة ثابتة في مكان واحد، وهي تمر مرًا حثيثا كما يمرُ السّحابُ (٢). قال الرازي: وليسَ في الآية ما يَدُلُ إلى أين تسير، فيُحتمل أن يُقال: إن الله عز وجل يُسيرها إلى الموضع الذي يُريده ولم يُبيِّن ذلك الموضع لخلقه، [قال] (٣) والحقُ أن الله تعالى يسيرُّها إلى العدم؛ لقوله تعالى: {يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه: ١٠٥].

قال العلامة: قلت أحسن من هذا وأظهر، أن يستدل على ذلك بقوله تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠)} [النبأ: ٢٠] قال مكي: أي: لا شيء كما أن السراب لا شيء.

ومنها قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥)


(١) "تفسير البغوي" ٨/ ٥١٣.
(٢) "الكشاف" ٣/ ٤٢٩.
(٣) ليست في (أ) واستدركناها من (ب).