للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يصارُ إليه إلّا عند تعذر الحقيقة، ولا تعذر هُنا من كون الأرض خبزة؛ لأن القدرة صالحة لذلك قال: بل الجوابُ الشافي هنا أن "يقالَ أن المرادَ من كون الأرض نارًا هي أرض البحر، كما في حديث أُبيّ ابن كعب رضي الله عنه، تصيرُ السمواتُ جنانا - وتصيرُ الأرض خبزة، ويصيرُ مكانُ البحر نارًا (١) والمراد من كونها غبرة الجبال، فإنها بعدَ أن تُدك تصير غبارًا في وجوه الكفار. انتهى (٢)

فعلى كلام العيني أنَّ السموات تصيرُ جفانًا كما في الحديث، ولعل المرادُ من ذهب أو كالذهب، ليجمعَ بين الأحاديث والأرض خبزة أي بيضاء كالفضة، والجبالُ غُبارًا، ومكان البحر نارًا. والله أعلم.

الأمر الثالث: فيما يُصيبُ السماء وفيها آياتٌ منها قوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨)} [المعارج: ٨] قال عكرمة: كالزيت وقيل القار المُذاب، وقيل ما أُذيب من الفضة والنحاس (٣)، وقوله {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩)} [الطور: ٩] قال مُجاهد (٤): تَدورُ دَورًا وقال قتادة: مورها تحركها، والضحاك استدارتها، وقيل تتكفَأ تكفُّؤ السفينة حتى تذهبَ ولا تكون شيئًا وقوله {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧)} [الرحمن: ٣٧] قال بعض المفسرين: انشقاقها في المحشر، وأنها تصيرُ أبوابًا لترول الملائكة، وقال ابن


(١) في (ب) تقديم وتأخير بين الجملتين، انظر ابن جرير (١٣/ ٧٣٥) وفيه عن كعب وفي الحلية (٥/ ٣٧٠) عن كعب الأحبار. الدر المنثور تفسير آية إبراهيم (٤٨).
(٢) "عمدة القاري" ١٩/ ٦٤.
(٣) انظر "الدر المنثور" تفسير آية المعارج (٨).
(٤) الطبري (٢١/ ٥٧٢).