للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه الإمام أحمد في "الزهد" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: "يجُاء بالجبارين والمتكبرين يومَ القيامة رجال في صورة الذر، تطأهم الناسُ من هوانهم على الله، حتى يقضي بين الناس، قال: ثنَم يُذهَبُ بهم إلى نار الأنيار"، قال قيل يا رسول الله: وما نار الأنيار؟ قال: "عُصارة أهل النار" (١)، ورواه صاحبُ الترغيب والترهيب.

وأخرج مسلم (٢) عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يَدخُل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، فقال رجل هو مالك بن الرهاوي: إنَّ الرَجُل يحب أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعلُه حسنًا فقال: "إن اللهَ جميلٌ يحبُ الجمال الكبر بَطَر الحق وغمط الناس" هذا الحديث وإن كان خارجًا عن الباب، إلاَّ أن له مناسبة ظاهرة؛ لأنه في مَعرض النهي عن التكبر؛ ولهذا بَطل تأويل من زعم أن المرادَ بالكبر هنا: الكبرُ عن الإيمان أو أنه إذا ماتَ لا يكونُ في قلبه كبرٌ حين دُخوله الجنة، بل المرادُ بالكبر هو الارتفاع عن الناس، واحتقارهم.

ويُجابُ عن مفهوم الحديث بما ذكره القاضي عياض، وغيره من المحققين: أنه لا يدخل الجنة دُونَ مجازاة، أو لا يدخُلُها مع أوّل الداخلين (٣) (٤). وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللهَ جميلٌ يحُبُ الجمال" قيلَ جميلُ هنا بمعنى مُجمل ككريم وسميع بمعنى مُكرِم ومُسمع.


(١) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص: ٣٥.
(٢) صحيح مسلم (٩١).
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٣٥٩.
(٤) هذا تأويل ويبقى الحديث على ظاهره وسيأتي كلام النووي وهو الصحيح.