بقتلِها نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى.
فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسولُ اللهِ، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وكلمتَ الناسَ في المهدِ اشفعْ لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحنُ فيه؟ ألا ترى ما قد بلفنا؟ فيقول عيسى: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لمْ يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبًا نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد.
فيأتوني فيقولون: يا محمد، أنْتَ رسُولُ اللهِ، وخَاتمُ الأنبياء، وقد غفرَ اللهُ لكَ ما تقدَّمَ مِنْ ذنبك، وما تأخر اشفعْ لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرشِ فأخرُّ ساجدًا لربي، ثم يفتح اللهُ على من محامدِه، وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسَك سلْ تعطى، واشفعْ تشفعْ، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب فيقال: يا محمد أدخِل مِن أمّتك مَنْ لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاءُ النَّاسِ فيما سوي ذلك مِن الأبواب، ثُمَّ قَال: والذي نفسي بيده إنَّ ما بين المصراعينِ من مصاريعِ الجنةِ كما بين مكة وهجر، وكما بين مكّة وبُصرَى" (١).
تنبيهان الأول: قول إبراهيم عليه السلام: "وإنّي كذبتُ ثلاث كذباتٍ ليست هي في نفسِ الأمرِ كذبات، ولكن حسناتُ الأبرارِ
(١) رواه البخاري (٣٣٤٠) و (٣٣٦١) و (٤٧١٢)، ومسلم (١٩٤)، وأحمد ٢/ ٤٣٥ - ٤٣٦، والترمذي (٢٤٣٤)، وابن حبان (٦٤٦٥).