للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعمال على ذلك" (١).

وأخرج النسائي عن ابن مسعود رَضِي اللهُ عَنْهُ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أول ما يحاسب عليه العبد صلاته، وأول ما يقضي بين الناس في الدماء" (٢).

فإن قيل: قد ورد في التنزيل أن الناس لا يُسألون قال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩)} [الرحمن: ٣٩]. فالجواب: أنّ هذا معارضٌ بقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: ٩٢، ٩٣].

ويجاب عن الآية الكريمة بأنّهم لا يسئلون سؤال استفهام لأنّه تعالى عالم بكلِّ أعمالهم، وإنما يُسألون سؤال تقرير فيقال لهم: فعلتم كذا (٣). قال في "البهجة" قال الحسن، وقتادة: لا يُسألون عن ذنوبهم لأن الله تعالى حفظها عليهم، وكتبتها الملائكة وأجيب بأنّهم لا يُسألون سؤال استفهام، بل سؤال تقرير، وقيل سَيُسألون في موطن دون موطن رواه عكرمة عن ابن عبّاس نظيره قوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)} [المرسلات: ٣٦] وفي آية أخرى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)} [الزمر: ٣١]. فللناس يوم القيامة


(١) ابن المبارك في الزهد (٩١٥)، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم ١/ ٣٩٤.
(٢) أخرجه أحمد ١/ ٣٨٨، والبخاري ٨/ ١٣٨، ومسلم ٥/ ١٠٧، وابن ماجه ٢٦١٥، والترمذي ١٣٩٦.
(٣) "الدر المنثور" ٤/ ١٩٩.