كانتْ تعبد قالوا: يا ربَّنا فارقنا الناسَ في الدنيا أفْقَرَ ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربُّكم. فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا (مرتين أو ثلاثا) حَتَّى إنّ بعضهم ليكاد أن ينقلبَ فيقول: هل بينكم وبينه آيةٌ فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاءِ نفسه إلا أذنَ له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتِّقَاءَ ورياءً إلا جعلَ ظهره طبقة واحدة. كلّما أرادَ أنْ يسجدَ خرّ على قفاهُ، ثم يرفعون رءوسهم وقد تحوَّل في صورته التي رأوه فيها أوّلَ مرةٍ فقال: أنا ربُّكم فيقولون: أنت ربُّنا ثم يضرب الصراط على جسر جهنم، وتحلّ الشفاعة، ويقولون: اللَّهُمَّ سَلِّم سَلِّم" (١). الحديث.
تنبيه: قد تقدم أنّ أوّل مَنْ يحاسب العلماء، والمغازون، وأرباب الأموالِ والسعة، ومما ينبغي أنْ يعلم أنّ أوّل ما يحاسب عليه العبد الصلاة. أخرج ابن المبارك، وأبو داود، والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، والنسائي، وابن ماجه عن أبي هريرة رَضي اللهُ عَنْهُ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "أوّلُ ما يحاسب به العبد يوم القيامَة الصلاة يقول الله لملائكته: "انظروا لِصلاة عبدي أتمها أمْ نقصها فإنْ كانتْ تامة كتبت له تامة، وإنْ كان ينقص منها شيئًا قال الله: انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ
(١) رواه البخاري، ومسلم (١٨٢)، وأحمد ٢/ ٢٧٥ و ٢/ ٥٣٣، وابن حبان (٧٤٢٩).