للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترابا" (١) فذلك حين يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا. وقال مقاتل: يجمع الله الوحوشَ، والهوام، والطير، فيقضى بينهم حَتَّى يقضي للجماء من القرناء، ثم يقول لهم: "أنا خلقتكم، وسخرتكم لبني آدم، وكنتم مطيعين أيام حياتكم، فارجعوا إلى الذي كنتم كونوا ترابا" فإذا التفت الكافر إلى شيء صار ترابًا يتمنى فيقول: يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خترير، وكنت اليوم ترابا.

تنبيه: ذكر البغوي عن عبد الله بن ذكوان قال: إذا قضى اللهُ بين النَّاس، وأمر أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النَّار إلى النار قيل لسائر الأمم، ولمؤمني الجن: عودوا ترابا فيعودون ترابا فحينئذ يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا. وبه قال ليث بن أبي سليم: مؤمنوا الجنِّ يعودون ترابا (٢): قُلْتُ: والحق أن الجنّ كالإنس يدْخل مؤمنهم الجنة، وكافرهم النار.

قال الإمام العلامة شمس الدِّين محمد بن مفلح الراميني الحنبلي (٣)


(١) رواه الطبري ٧/ ١٨٩، والحاكم ٢/ ٣٤٥ وصححه على شرط مسلم، وروى بعضه أحمد ٢/ ٣٠١ و ٣٦٣.
(٢) انظر "معالم التنزيل" ٨/ ٣١٩.
(٣) هو محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي، ثم الصالحي، الراميني الشيخ، الإمام العالم العلامة، أفضل القضاة: شمس الدين أبو عبد الله، وحيد دهره وفريد عصره، شيخ الإسلام، وأحد الأئمة الأعلام، سمع من عيسى المطعم وغيره، وتفقه في المذهب حتى برع فيه ودرس وأفتى وناظر وصنف وحدث وأفاد وناب في الحكم عن قاضي القضاة: جمال الدين المرداري، وقال ابن القيم لقاضي القضاة الحجاوي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة: ما تحت=