للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لنْ يُنجيَ أحدا منكم عملُهُ" قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟ قال: "ولا أنا إلاَّ أنْ يتغمَّدني اللهُ برحمة منه وفضل". وأخرجا أيضًا عن عائشة (١) رَضي اللهُ عَنْها، عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "سَدِّدُوا وقاربوا وأبشروا فإنَّه لا يدخَل الجنة أحدًا عملُه" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "وَلاَ أنا إلا أنْ يتغمدني اللهُ بمغفرة ورحمةٍ".

واستشكل هذا بقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢] وأجيب بحمل الآية على أن الجنة تنال المنازل فيها بالأعمال، وأمَّا أصل دخلوها والخلود فيها فبرحمة اللهِ عَز وَجَلَّ بدليل ما روي عن ابن مسعود رَضِي اللهُ عَنْة قال: "تجوزون على الصّراط بعفو الله، وتدخلون الجنة برحمة اللهِ، وتقتسمون المنازل بأعمالكم" فنسأل الله بنور ذاته المقدسة أنْ يدخلنا الجنَّة برحمته، وأن يمن علينا بالنَّظر إلى وجهه من غير سابقة عذاب، ولا محنة إنه جواد كريم رؤوف رحيم.

واعلم أنَّ طائفة مِنْ هذه الأمّة الشريفة تدخل الجنة بغير حساب، وذلك قبل حساب الخلق ووضع الموازين وأخذ الصحف فقد أخرجَ الشيخان عن ابن عباس رَضِي اللهُ عَنْهُما قال: خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال: "عرضت (٢) عليّ الأمم يمر النبي معه الرجل، والنبى معه الرجلان، والنبي ليس معه أحد، والنبي


(١) انظر ت (١، ٢) ص ٨٠١.
(٢) ورد بهامش الأصل: أي: مثلت لَهُ كما تنطبع الصورة في المرآة.