للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه الرهط فرأيتَ سوادًا كثيرًا فرجوت أن يكون أمتي فقيل: هذا موسى - صلى الله عليه وسلم - وقومه ثم قيل: انظر فرأيت سوادًا كثيرًا فقيل لي: هؤلاء أمّتك ومع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب". فتفرق الناس، ولم يبين لهم رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فتذاكر أصحابه، فقالوا: أمّا نحن فولدنا في الشرك، ولكن قد آمنا بالله ورسوله هؤلاء أبناؤنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن فقال: أنا منهم يا رسول الله وفي لفظ: (ادعو الله أن أكون منهم) قال: "نعم" ثم قام آخر فقال: أنا منهم، فقال: "سبقك بها عكاشة" (١).

قال الإمام المحقق في كتابه "الداء والدواء": قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سبقك بها عكاشة" لم يرد أن عكاشة وحده أحق بذلك ممن عداه من الصحابة، ولكن لو دعا له لقام آخر وآخر، وانفتح الباب، وربما قام من لم يستحق أن يكون منهم فكان الإمساك أولى انتهى (٢).

فلا يفهم من هذا يعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سبقك بها عكاشة" أنَّ عكاشة اختص بذلك دون غيره، بل لا يريد أن الرجل الذي سأل المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ليس من الذين يدخلون الجنة بغير حساب كيف؟! وهو كما فسره بعض العلماء إنه سعد بن عبادة، وأياديه في الإسلام مشهورة،


(١) رواه البخاري برقم (٥٧٥٢) كتاب: الطب، ومسلم برقم (٢٢٠) كتاب: الإيمان.
(٢) انظر "الداء والدواء" ص: ٦٥، فصل: لوازم الرجاء.