للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنها فنسأل الله العافية. وقال: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: ٩].

وروي أنَّ داود عليه السّلام سألَ ربّه أنْ يريه الميزان فلمَّا رآه غشي عليه فلما أفاقَ قال: إلهي مَنْ ذا الذي يقدر يملأ كفة حسنته فقال: "إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة واحدة". ذكره الفخر (١)، والثعلبي. وقال عبدُ اللهِ (٢) بن سلام رَضي اللهُ عَنْهُ: إنَّ ميزانَ ربّ العالمين ينصب للجنّ والإنس، يستقبل بَه العرش، إحدى كفتيه على الجنة، والأخرى على جهنم لو وضعت السماوات والأرض في إحداهما لوسعتهن، وجبريل آخذ بعموده ينظر إلى لسانه.

قال العلامة (٣): في كلام ابن سلام إنَّ أعْمَال الجنِّ توزن كما توزن أعمال الإنسِ، وهو كذلك ارتضاه الأئمة انتهى.

قال القرطبي: المتقون توضع حسناتهم في الكفةِ النّيرة، وصغائرهم في الكفةِ الأخرى، فلا يجعل اللهُ لتلكَ الصغائر وزنا، وتثقل الكفة النيرة حَتَّى لا ترتفع، وترفع المظلمة ارتفاع الفارغة الخالية. قال: وأمَّا الكفار فيوضع كفرهم، وأوزارهم في الكفةِ المظلمة، وإنْ كان لهم أعمال بِر وضعت في الكفةِ الأخرى فلا يقاومها إظهار لفضل المتقين، وذل الكافرين (٤). قُلْتُ: الحق أنَّ الكفارَ لا


(١) ذكره الرازي في "التفسير الكبير" ٢٢/ ١٧٦. والبغوي في "تفسيره" ٥/ ٣٢١.
(٢) انظر "تفسير الرازي" (١٤/ ٢٨).
(٣) "تحقيق البرهان" ٦ ص ٦٤.
(٤) ذكره في "التذكرة" ص ٣٦٥، وبيان كيفية الميزان ووزن الأعمال فيه.