للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبيهان: الأول: اْختلفَ العلماء هل توزن أعمال الكفار أم الوزن خاص بالمؤمنين؟ فذهبَ بعضُهم إلى الأول مستدلاً بقوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩)} [الأعراف: ٩] أي: يجحدون. قاله مجاهد. وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩)} [القارعة: ٨ - ٩] وأمَّا قوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥] بما يستدل به مَنْ قال بعدم وزن أعمالهم وأجاب القائلون بخلافه بأنَّ المرادَ وزناً يعتد به فلا نكرمهم، ولا نعطيهم وهذا مجاز عن عدم الاْعتداد بهم كذا قيل والحق أنَّهم لا يوزن لهم عملٌ والله أعلم. وفي كلام القرطبي: تلويح لوجه الجمع وهو أن بعض الكافرين يعجَّل بهم إلى النارِ فلا يوزن لهم كما أنَّ بعضَ أهْلِ الجنَّةِ يدخلون الجنَّةَ بغير حساب فغير من يعجل به إلى النار لا يقام له وزن (١).

الثاني: تقدم عن النسفي (٢): أنَّ الإيمان لا يوزن وقدمنا في معارضته حديث البطاقة وليس فيها إلا كلمة التوحيد وهي أسُّ الإيمان ولا يعلم أنَّ الإنسان يدخل في الإيمان إلاَّ بها في الجملةِ، ثم رأيت القرطبي أجابَ عن ذلك كالمستنصر لكلامِ النسفي تبعًا للحكيم الترمذي فقال: إنَّ كلمةَ التوحيد إنَّما تكون إيمانًا أوّل مرة وبعد ذلك تكون من حسناته قال: ويدل عليه قوله في الحديث: "بلى إن لك عندنا


(١) انظر "التذكرة" ص ٣٦٣ - ٣٦٥. "تفسير الرازي" (٢٢/ ١٧٧).
(٢) ص ٨٥٩.