للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينادُون: رب سلِّمْ (١) وقدْ عظمت الأهوال، واشتدت الأوجال، والعصاة يتساقطون عن اليمين وعن الشّمالِ، والزبانية يتلقونهم بالسلاسل والأغلال وينادونهم: أما نهيتم عن كسب الأوزار، أمَا خوّفتم عذاب النارِ، أما أنذرتم كلّ الإنذار، أما جاءكم النبي المختار. ذكر ذلك الإمام ابن الجوزي في كتابه "روضة المشتاق" (٢).

فائدة: في قول الرسل عليهم الصلاة والسلام على الصراط "ربّ سلم" إشارة إلى عظم شأن السلامة لاسيما يومئذ، فمن سلم حينئذ فقد فاز، ومن ثَمّ قال بعضهم العاقل لا يعدل بالسلامة شيئًا. ومن ثَمَّ قيل:

وقائلة: ما لي أراكَ مجانبًا ... أمورًا فيها للتجارةِ مربح

فقلت لها: ما لي بربحك حاجة ... فنحن أناس بالسلامةِ نفرح

فالرسل عليهم الصلاة والسلام اْقتصروا على طلب السلامة؛ لأنَّها عينُ الغنيمةِ، والكرامة.

تنبيه: زعمَ بعضُ النَّاسِ أنَّ كون الصراط أدقّ من الشعرة، وأحدّ من السيف راجع إلى اليسرِ والعسر على قدر الطاعات والمعاصي وأنكرَ أنْ يكون الصراط بهذه الصفة، واستدلَّ على ذلك بما وصف مِنْ أنَّ الملائكة يقومون بجنبيه، وأنَّ فيه كلاليبًا وحسكا، وأنَّ مَنْ يمر عليه يقع على بطنه ومنهم مَن يبرك ثُمَّ يقوم.


(١) زيادة في "التذكرة" سلم.
(٢) ذكره القرطبي في "التذكرة" (٢/ ٤٣) تحقيق/ أبو سفيان محمود.