للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الحافظُ عبد الحق الإشبيلي في "العاقبة" أنَّه ذكره الحارث بن أبي

أسامة من حديث أبي هريرة رَضي اللهُ عَنْهُ، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -.

وذكرَ ابن عساكرَ عن الفَضل (١) بن عياض قال: "بلغنا أنَّ الصّراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة خمسة آلات صعودًا، وخمسة آلآف هبوطًا، وخمسة آلاف مستوى أدق من الشعرة وأحدّ من السيف على متن جهنَّم لا يجوز عليه إلا ضامر مهزول منْ خشيةِ اللهِ (٢) ". قالت المعتزلة: هذا لا يمكنُ العبور عليه وإنْ أمكن فهو تعذيب للمؤمنين. قلنا: أمَّا عدم إمكان المرور عليه فمردود بما مرّ، وأمَّا كونه تعذيبًا للمؤمنين فباطل إذ المؤمن لا يحصل له بذلك ألم، ولا عذاب وإنَّما العذاب على مَنْ رفض السّنَّة والكتاب، ورجعَ إلى رأيه، ونبذ السّنّة إلى ورائه. والذي أضل هؤلاء عقولهم القاصرة عن معرفة ربّهم، وقدرته الباهرة، فنسأل الله سبحانه التمسك بالكتاب والسنة، ومعرفة تمازج قلوبنا، حَتَّى يسكنَ القلبُ له لا لغيره.

وأخرج الطبراني بسند حسن عن أبي أمامة مرفوعًا: "يجر الظالم يوم القيامة حَتَّى إذا كان على جسرِ جهنَّم بين الظلمة والوعرة لقيه المظلوم فعرفه، وعرت ما ظلمه به، فما برح الذين ظُلِموا يقتصون من الذين ظَلمَوا حَتَّى ينزعوا ما في أيديهم مِنَ الحْسنات، فإنْ لمْ يكن لهم حسنات


(١) كذا في (أ)، (ب) والصحيح (الفضيل بن عياض).
(٢) قَالَ الحافظ في "الفتح" ١١/ ٤٥٤: هَذَا معضل لا يثبت. انظر: ص ٧١٥ ت (٢).