وأخرجَ ابن ماجه عن جابر رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: لمَّا رجعت إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرة البحر قال:"ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرضِ الحبشة؟ ". فقال فتية منهم: بَلى يا رسول الله بينما نحن جلوس مرَّتْ بنا عجوزٌ منْ عجائز رهابينهم تحملُ على رأسها قلة مِنْ ماء فمرَّت بفتى منهم فجعلَ إحدى يديه بين كتفيها، ثُمَّ دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلمَّا اْرتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا عدوّ اللهِ إذا وضِع الكرسي، وجُمع الأوّلين والآخرين، وتكلّمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده. قال: يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صدقت كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم مِنْ سيدهم"(١).
تنبيه: أنكرَ بعضُ المغفلة المتبعون هواهم بغير هدى من الله إعجابًا بآرائهم، ومحكماً على كتاب اللهِ، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لخساسة عقولهم الضعيفة، وقلة أفَهامهم السخيفة القْصاصَ حيث زعموا أنَّه لا يجوز في حكمِ اللهِ، وعدله أنْ يضعَ سيئات من كتبها على مَنْ لم يكتبها، وتؤخذ حسنات مَنْ عملها فتعطى لمَنْ لم يعملها مع قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤] فقالوا: كيف تصح هذه الأحاديث مع مخالفتها الكتاب العزيز، والعقل الذي كالذهب الإبريز.
(١) رواه ابن ماجه (٤٠١٠)، وأبو يعلى (٢٠٠٣) وأصله في البخاري.