للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجواب: كما في "التذكرة" (١) وما قبله أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يبن أمورَ الدّين على مقتضى عقول العبادِ، ولم يوعد على ما تحملته عقولهم فيدركونها بأفهامهم بل أوعدو وعد بمشيئته، وإرادته وأمرَ ونهى بحكمتِهِ ولو كان كلُّ ما لا تدركه العقولُ مردودًا لكان أكثر الشرائع مستحيلاً على موضوع عقول العبادِ وذلك أنَّ اللهَ سبحانه أوجبَ الغسلَ بخروجِ المني الذي هو طاهر عند بعضَ الصّحابة وكثير مِنَ الأئمةِ كالإمامِ أحمد، والإمام الشافعي، وغيرهما أوجب غسل الأطراف مِنَ الغائطِ الذي لا خلاف في نجاسته، وقذارته إلى أنْ قال: وكذلك القصاص بالحسنات والسيئات يعني: لا يدرك بالعقل وقد قال وقوله الحق:

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} [الأنبياء: ٤٧] وقال: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: ١٣]، {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: ٢٥] وهذا يبين معنى قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] أي: لا تحمل حاملة ثقل أخرى إذا لم تتعد فإذا تعدت، واستطالت بغير ما أمرت به فإنَّها تحمل عليها ويؤخذ منها بغير اْختيارها. اْنتهى.


(١) (١/ ٤١٠) وما قبله.