للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفتحة على ما يأتي تحريره إن شاء الله تعالى. ثم إذا دخلوا النارَ دفعتهم الزبانيةُ إليها كما قال تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)} [الطور: ١٣] أي: يدفعون دفعًا فإذا وقفوا على النَّارِ قالوا: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} والواحد من خزنة النار يسوق الأمّة وحده وعلى رقبته جبل يرميهم في النارِ ويرمي الجبل عليهم. قال عمرو بن دينار: إنَّ الواحدَ منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنّم أكثر من ربيعة ومضر.

وقال الثعلبي وغيره في قولِهِ تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)} [الفرقان: ١٢] (١): أي: صوتًا بالغيظ، وزفيرًا: غليانًا يفور كالغضبانِ إذا غلى صدره مِنَ الغضبِ. قال مطرفٍ: التغيظ لا يسمع والمعنى رأوا لها تغيظًا، وسمعوا لها زفيرًا. وقال الواحدي: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} مسيرة مائة عام {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا} هو الغضب. {وَزَفِيرًا} قال عبيد بن عمير: إنَّ جهنَّم لتزفر زفرة لا يبقى نبي مرسل، ولا ملك مقرب إلا خر لوجهه وقال في قوله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا} من جهنم {مَكَانًا ضَيِّقًا} (٢) قال المفسرون: تضيق


(١) ورد بهامش الأصل: رأتهم: إِذَا كانت يمر أي منهم كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتراءني نارهما لها تغيظاً" أي لا يتقارب بحيث تكون إحداهما يمر أي من الأخرى عَلىَ المجاز وقوله: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا} أي صوت التغيظ، شبه صوت غليانها بصوت المغتاظ وغيره وهو صوت يُسمع من دوفه هذا، ويمكن أن يخلق الله فيها حياة فترى وتتغيظ وتزفر، وقيل إن ذَلِكَ لزبانيتها فنسب إليها عَلىَ حذف المضاف. البيضاوي.
(٢) أي في مكان، ومنها حال منه لتقدمه عليه.