للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متشابه القرآن قيل له: كل شيءٍ مما كتب عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقتا للبقاءِ لا للفناء والهلاك وهما من الآخرة لا مِن الدُّنيا والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا يذقن الموت أبداً؛ لأنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ خلقهن للبقاءِ لا للفناء ولم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع وقد ضل عن سواء السبيل.

قال: وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض وبين الأرض العليا والسَّماء الدُّنيا مسيرة خمسمائة عام وبين كلِّ سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام والماء فوق السماء السابعة وعرش الرحمن عَزَّ وَجَلَّ فوق الماء والله عَزَّ وَجَلَّ على العرشِ والكرسي موضع قدميه وهو يعلم ما في السماوات، والأرضين السبع، وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعرِ البحرِ، ومنبت كل شعرة، وشجرة، وزرع، وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد كل كلمة، وعدد الرمل والحصى والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد، وآثارهم، وكلامهم، وأنفاسهم، ويعلم كل شيءٍ لا يخفى عليه من ذلك شيء وهو على العرشِ فوق السَّماء السابعة ودونه حجب من نار، ونور، وظلمة وما هو أعلم بها.

قال: فإن احتج مبتدعٌ ومخالف بقول اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦] (١) وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤] {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: ٧] وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: ٧] ونحو هذا من متشابه القرآن


(١) ورد في هامش الأصل: حبل الوريد: مثل في القرب، والوريدان: عرقان مكتنفان لصفحة العنق أهـ.