للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه وتعالى فيهم جواهرَ مودعة، أحبّ أن يظهرها ويجعلهم حججًا على المتخلفين عنه، صبرًا على بلائه، ورضًا بقضائه.

وقال القرطبي: لتشديد الموت على الأنبياء فائدتان (١):

إحداهما، تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم، وليس ذلك نقصًا ولا عذابًا، بل هو كما جاء "إنّ أشدّ الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل".

والثانية: أنْ يعرف الخلق مقدار ألم الموت وأنه باطن، وقد يطلع الإنسان على بعض الموتى، فلا يرى عليه حركة ولا قلقًا ويرى سُهولة خروج روحه، فيظنُ سهولة أمر الموت ولا يعرف ما الميت فيه، فلما ذكر الأنبياء الصّادقون في خبرهم شدة ألمه مع كرامتهم على الله، قَطَعَ الخلقُ بشدة الموت، الذي يقاسيه الميت مطلقًا بإخبار الصادقين عنه ما عدا الشهداء، أي لما أخرج الطبراني عن أبي قتادة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشهيد لا يجد ألم القتل، إلا كما يجد أحدكم القرصة" (٢). وأخرج النسائي مثله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (٣).


(١) "التذكرة" ص ٤١.
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٢٨٠). وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف. المعجم الكبير (٩/ ١٦٤) الترمذي (٤/ ١٩٠).
(٣) رواه أحمد ٢/ ٢٩٧، والنسائي ٦/ ٣٦، والترمذي (١٦٦٨)، وابن ماجه (٢٨٠٢)، وابن حبان (٤٦٥٥) وإسناده حسن.