للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاسألوه الفردوس، فإنَّه وسط الجنَّة، وأعلى الجنَّة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنَّة" (١).

قال المحقق (٢) قال شيخنا أبو الحجاج المزي: والصَّواب رواية من رواه -فوقه- بضم القاف على أنَّه اسم لا ظرف، أي وسقفه عرش الرحمن، فإن الكرسي وسع السموات والأرض، والعرش أكبر منه؟ فالجواب: لما كان العرش أقرب إلى الفردوس مما دونه من الجنان، بحيث لا جنة فوقه دون العرش كان سقفاً له، دون ما تحته من الجنان، ولعظم الجنَّة وغاية ارتفاعها يكون الصعود من أدناها إلى أعلاها بالتدريج شيئًا فشيئاً، ودرجة فوق درجة كما يقال لقارئ القرآن "اقرأ وارق فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" (٣) وهذا يحتمل شيئين:

أن تكون منزلته عند آخر حفظه، أو أن تكون عند آخر تلاوته لمحفوظه، انتهى كلامه في حادي الأرواح وفهم مما ذكرنا إشكالين، أحدهما: أن العرش ليس هو سقفاً للفردوس فقط بك غير الفردوس كهي. والجواب: أن الفردوس أعلى الجنَّة، وأن العرش سقفه حقيقة، وأمَّا غير الفردوس فبينه وبينه حائل، فالفردوس سقف لما تحته وهلم جرا، والعرش سقف للفردوس، فالفردوس وسقفه سقف لما تحته، وهكذا، الثَّاني: أن الكرسي تحت العرش، والعرش فوقه، فكيف يكون العرش سقفاً للجنة دون الكرسي؟ والجواب عن هذا: أن الجنَّة


(١) البخاري (٢٧٩٠).
(٢)
(٣) أحمد (٢/ ١٩٢) أبو داود (١٤٦٤) الحاكم (١/ ٧٣٩) ابن حبان (٧٦٦).