للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اهدِني فيمَن هدَيتَ) (١). والله يهدي من يسأله ويسأل عنه ويستعين به ويستهديه. وهذا من كمال إلهية الرب وعبودية العبد. فلا تستقيم المعادلة إلا بها. فإذا كان للكافر أن يكفر ويفسد ويقتل ويتجبر، مُتكلاً على أنه يمكنه الرجوع والتوبة بسهولة في أي وقت وينجى كغيره ممن أسلم وصبر وصلى وعبد، لما استقام الميزان ومال في جهة الكافر. وقد ذكر الشيخ متولي الشعراوي في هذا الشأن مثلا – ولله المثل الأعلى – فيما معناه، انه لو كان هناك أستاذ له طلاب وكان عليهم امتحان، فهو يعلم كيف سيعمل كل طالب لأنه يعلم مستوياتهم. فكذلك الله قد علم مسبقا ما الذي سيفعله كل من عباده مسبقاً.

عدم الإكراه في الدين:

من مبادئ العقيدة الصحيحة عدم الإكراه في الدين. والأصل هو الدعوة السلمية، وتعريف الناس بدين الإسلام وتبيين الحق لهم. قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢). وقال في سورة يونس: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْارض كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣). فصرح الله تعالى بعدم الإكراه في الدين بنص الآية الكريمة. وقال الزرقاني : "أما السيف ومشروعية الجهاد في الإسلام فلم يكن لأجل تقرير عقيدة في نفس، ولا لإكراه شخص أو جماعة على عبادة، ولكن لدفع أصحاب السيوف عن إذلاله واضطهاده، وحملهم على أن يتركوا دعوة الحق حرة طليقة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله" (٤). وفي هذا رد على مزاعم النصارى والمستشرقين الذين يهاجمون الإسلام من باب الجهاد ويزعمون أن الإسلام إنتشر بالسيف وأنه دين عنف وإكراه.

محبة الله ورسوله:

إن من علامات إيمان المرء أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. بل ولا يكتمل الإيمان ولا تظهر حلاوته إلا بهما. قال : (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب


(١) أخرجه أبو داود (١٤٢٥) والترمذي (٤٦٤) واللفظ له، والنسائي (١٧٤٥)، وابن ماجه (١١٧٨)، وأحمد (١٧١٨)، وسير أعلام النبلاء (٣/ ٢٤٧) وصحح إسناده فيه شعيب الأرناؤوط.
(٢) سورة البقرة، آية ٢٥٦.
(٣) سورة يونس، آية ٩٩.
(٤) الزُّرْقاني، محمد عبد العظيم (ت ١٣٦٧ هـ)، مناهل العرفان في علوم القرآن، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، الطبعة الثالثة، وجوه اعجاز القرآن، الوجه الرابع عشر: تأثير القرآن ونجاحه، جزء ٢، صفحة ٤٠٦.

<<  <   >  >>