للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) (١). وهذا ما كان عليه صحابة رسول الله. وحب الله ورسوله يأتي بالعمل والعبادة والطاعة والصبر والمجاهدة والرسوخ في العلم. كما تأتي بتعلم صفاتهما وأفعالهما، وتعلم القرآن والسنة. قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٢).

سلامة الصدر لأصحاب رسول الله :

ومن العقد الصحيح سلامة الصدر لأصحاب رسول الله وتوحيد صف المؤمنين، بخلاف الخوارج الذين تمادوا في إيذائهم وتجرأوا على سبهم، وهم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ونصرته. قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأولونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٣). وجاء في الحديث الشريف: (إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار لي من أصحابي أربعة – يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا – فجعلهم أصحابي. وقال في أصحابي: كلهم خير) (٤). وقد أجمعت الأمة على عدلهم وعدلهَّم القرآن الكريم في أكثر من موضع. قال تعالى: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥). فالمؤمن الحق لا يجرحهم، ناهيك عن تكفيِّرهم. والذي جاء به الخوارج في هذا الباب جرم كبير لا يأتي إلا من متكبر أغواه الشيطان وجره إلى مسالك الضلال والهلاك. فالإسلام لا يكفِّر حتى القاتل والزاني وشارب الخمر، ويأتي جماعة من الناس يتكلمون في حق الصحابة الذين اصطفاهم الله لصحبة نبيه. وقد قال الله تعالى عنهم في سورة محمد: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (٦). وقال أيضاً: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ


(١) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، جزء ١، صفحة ١٤، حديث رقم ١٦. وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان، جزء ١، صفحة ٤٣، حديث رقم ٤٣.
(٢) سورة العنكبوت، آية ٦٩.
(٣) سورة التوبة، آية ١٠٠.
(٤) أخرجه الزرقاني في مناهل العرفان، جزء ١، صفحة ٣٣٧. وذكره القرطبي في تفسيره وصححه، من رواية جابر، جزء ١٩، صفحة ٣٤٨.
(٥) سورة التوبة، آية ٨٨.
(٦) سورة الفتح، آية ٢٩.

<<  <   >  >>