قال ابن حجر -رحمنا الله وإياه- في الفتح (٢/ ١٨٠). فائدة: وقع في رواية جابر عند أبي داود أنهم دخلوا يعودونه مرتين فصلى بهم فيهما. لكن بين أن الأولى كانت نافلة وأقرهم على القيام وهو جالس. والثانية: كانت فريضة وابتداؤا قيامًا، فأشار إليهم بالجلوس. وفي رواية بشر عن حميد عن أنس عند الإِسماعيلي نحوه (٥٨٨)، ورواية أنس عند ابن حبان (٢١١٣، ٣/ ٢٧٤). وقال: في هذا الخبر بيان واضح أن اللفظة التي في خبر حميد حيث صلى - صلى الله عليه وسلم - بهم قاعدًا وهم قيام، إنما كانت تلك سبحة فلما حضرت الصلاة الفريضة أمرهم أن يصلوا قعودًا كما صلى هو، ففي هذا أوكد الأشياء أن الأمر منه - صلى الله عليه وسلم - لما وصفنا أمر فريضة لا فضيلة. ثم قال (٣/ ٢٧٦) فيقول جابر: فصلينا بصلاته، ونحن قيام، بيان واضح على دحض قول هذا المتأول إذ القوم لم يتشهدوا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم قيام. وكذلك قوله: صلى في الصلاة الأخرى، فصلينا بصلاته، ونحن قيام. فأومأ إلا أن اجلسوا، أرإد به القيام الذي هو فرض الصلاة لا التشهد. وقال ابن حجر -رحمنا الله وإياه-: في جمعه بين الأدلة بعد أن ساق الروايات وما ذكر فيها من الاختلاف "ويستفاد منها نسخ الأمر بوجوب صلاة المأمومين قعودًا إذا صلى إمامهم قاعدًا"، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم في هذه المرة الأخيرة بالإِعادة. لكن إذا نسخ الوجوب يبقى الجواز، والجواز لا ينافي الاستحباب، فيحمل أمره الأخير بأن يصلوا قعودًا على الاستحباب، لأن الوجوب قد رفع بتقريره لهم، وترك أمرهم بالإِعادة هذا مقتضى الجمع بين الأدلة، وبالله التوفيق، والله أعلم. الفتح (٢/ ١٧٧).