(٢) قال الحافظ في الفتح (٢/ ١٥٥): من العلماء من سلك الترجيح، فقدم الرواية التي فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها، ولأن أبا معاوية أحفظ في حديث الأعمش من غيره. ومنهم من سلك عكس ذلك ورجح أنه كان إمامًا وتمسك بقول أبي بكر في "باب من دخل ليؤم الناس"، حيث قال: "ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من سلك الجمع، فحمل القصة على التعدد، وأجاب عن قول أبي بكر كما سيأتي في بابه، ويؤيده اختلاف النقل عن الصحابة خبر عائشة، فحديث ابن عباس فيه أن أبا بكر كان مأمومًا، كما سيأتي في رواية موسى بن أبي عائشة. وكذا في رواية أرقم بن شرحبيل التي أشرنا إليها عن ابن عباس وحديث أنس فيه أن أبا بكر كان إمامًا، أخرجه الترمذي وغيره من رواية حميد عن ثابت عن أنس بلفظ: "آخر صلاة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر في ثوب"، وأخرجه النسائي، والدليل على تعدد القصة إن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بين رجلين، يريد أحدهما العباس والآخر عليًّا. وفي خبر مسروق عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بين بريرة ونوبة، فهذا يدلك على أنها كانت صلاتين لا صلاة واحدة، والله أعلم.