= النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة. وهذا وهم غلط، وإنما الحديث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه وعن يساره. ثم ساق الحديث من طريق ابن المبارك، عن مصعب بن ثابت، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسلم عن يمنيه وعن شماله حتى كأني انظر إلى صفحة خده. فقال الزهري: ما سمعنا هذا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له إسماعيل بن محمد: أكل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سمعته؟ قال: لا، قال: فنصفه؟ قال: لا. قال: فأجعل هذا من النصف الذي لم تسمع. قال: وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة واحدة، فلم يرفعه أحدٌ، إلَّا زهير بن محمد وحده عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رواه عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره، وزهير بن محمد ضعيف عند الجميع، كثير الخطأ لا يحتج به. وذكر ليحيى بن معين هذا الحديث. فقال: حديث عمرو بن أبي سلمة وزهير ضعيفان لا حجة فيهما قال: وأما حديث أنس فلم يأت إلَّا من طريق أيوب السختياني عن أنس، ولم يسمع أيوب من أنس عندهم شيئًا. قال: وقد روي مرسلًا عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانوا يسلمون تسليمة واحدة، وليس مع القائلين بالتسليمة غير عمل أهل المدينة، قالوا: وهو عمل قد توارثوه كابرًا عن كابر. ومثله يصح الاحتجاج به، لأنه لا يخفى لوقوعه في كل يوم مرارًا. وهذه طريقة قد خالفهم فيها سائر الفقهاء، والصواب معهم، والسنن الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تدفع ولا ترد بعمل أهل بلد كائنًا من كان. وقد أحدث الأمراء بالمدينة وغيرها في الصلاة أمورًا استمر عليها العمل، ولم يلتفت إلى استمراره، وعمل أهل المدينة الذي يحتج به ما كان في زمن الخلفاء الراشدين، وأما عملهم بعد موتهم وبعد انقراض عصر مَن بها من الصحابة فلا فوق بينهم وبين =