للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وأما أحاديث الجهر فالحجة (١) قائمة بما


= بجيد، لأن أحمد روى في مسنده بإسناد صحيح أن سؤال قتادة نظير سؤال أبي سلمة، والذي في مسلم، إنما قاله عقب رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة، ولم يبين مسلم صورة المسألة، وقد بينها أبو يعلى والسراج وعبد الله بن أحمد في رواياتهم التي زكرناها عن أبي داود أن السؤال كان عن افتتاح القراءة بالبسملة، وأصرح من ذلك رواية ابن المنذر من طريق أبي جابر عن شعبة عن قتادة، قال: "سألت أنسًا: أيقرأ الرجل في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: صلَّيت وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم"، فظهر اتحاد سؤال أبي سلمة وقتادة، وغايته أن أنسًا أجاب قتادة بالحكم دون أبي سلمة، فلعله تذكره لما سأله قتادة بدليل قوله في رواية أبي سلمة: "ما سألني عنه أحد قبلك" أو قاله لهما معًا فحفظه قتادة دون أبي سلمة، فإن قتادة أحفظ من أبي سلمة بلا نزاع، وإذا انتهى البحث إلى أن محصل. حديث أنس نفي الجهر بالبسملة على ما ظهر من طريق الجمع بين مختلف الروايات عنه، فمتى وجدت رواية بها إثبات الجهر قدمت على نفيه لا لمجرد تقديم رواية المثبت على الثاني، لأن أنسًا يبعد جدًا أن يصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - مدة عشر سنين ثم يصحب أبا بكر وعمر وعثمان خمسًا وعشرين سنة فلم يسمع منهم الجهر بها في صلاة واحدة، بل لكون أنس اعترف بأنه لا يحفظ هذا الحكم كأنه لبعد عهده به ثم تذكر منه الجزم بالافتتاح بالحمد جهر أو لم يستحضر الجهر بالبسملة فيتعين الأخذ بحديث من أثبت الجهر.
هذا ملخص لجميع ما ذكر ابن الملقن في المسألة نقلناه بكامله من الفتح.
(١) قال ابن باز -حفظه الله- في الفتح (٢/ ٢٢٩) على قوله: "فتعين الأخذ بحديث من أثبت الجهر": هذا فيه نظر. والصواب، تقديم ما دل عليه حديث أنس من شرعية الإِسرار بالبسملة لصحته وصراحته في هذه =

<<  <  ج: ص:  >  >>