والثاني: أن قائلًا لو قال: إن مرور المرأة ومشيها لا يساويه في التشويش على المصلي اعتراضه بين يديه فلا يساويه في الحكم، لم يكن ذلك بالممتنع، وليس يبعد من تصرف الظاهرية مثل هذا.
الثالث عشر: في قول ابن عباس: "فلم ينكر ذلك علي أحد" دلالة على أن عدم الإِنكار حجة على الجواز، لكنه مشروط بانتفاء الموانع من الإِنكار وبالعلم بالاطلاع على الفعل، وذلك ظاهر، ولعل السبب في قول ابن عباس ذلك دون قوله: ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر أن هذا الفعل كان بين يدي بعض الصف، وليس بلازم من اطلاع الشارع على ذلك لجواز أن يكون الصف ممتدًا، ولا يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفعل مته، فلا يجزم بترك إنكاره مع اطلاعه، فلا يوجد شرط الاستدلال بعدم الإِنكار على الجواز، وهو الاطلاع مع عدم المانع أما عدم الإِنكار فمن رأى هذا الفعل، فهو المتيقن، فترك المشكوك فيه، وهو الاستدلال بعدم إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ المتيقن، وهو الاستدلال بعدم إنكار الرأيين للواقعة، وإن كان يحتمل قوله:"فلم ينكر ذلك عليّ أحد" النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره لعموم لفظ:"أحد" إلَّا أن فيه ضعفًا، لأنه لا معنى للاستدلال بعدم إنكار غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع حضرته، وعدم إنكاره إلَّا على بعد.