للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من ذنوبهم، وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار أمر به، فالأمر في الآية بالتلويح، وفي الحديث بالتصريح، لأنه قد قيل: إن كل شيء أثنى الله على فاعله فهو آمر به من جهة المعنى، وكل شيء ذم الله تعالى فاعله فهو ناه عنه من جهة المعنى.

تنبيه: ما أحسن هذا الترتيب، فإنه قدم أولًا اعترافه بالذنب، ثم بالوحدانية، ثم سأل المغفرة بعد ذلك، لأن الاعتراف أقرب إلى العفو، والثناء على السيد بما هو أهله [أوحي] (١) لقبول مسألته، وقد جعل تقديم الثناء بين يدي الدعاء: كتقديم هدية الشفيع بين يدي مسألته، فإنه أقرب إلى القبول.

فائدة (٢): رجح بعضهم قول القائل: اللهم اغفر لي على قوله:


(١) في ن ب (أرجي).
(٢) قال ابن حجر في الفتح (١٣/ ٤٧٢) نقلًا عن النووي في كتاب الأذكار (٣٤٩)، عن الربيع بن خيثم أنه قال: لا تقل: أستغفر الله وأتوب إليه، فيكون ذنبًا وكذبًا إن لم تفعل، بل قل: اللهم اغفر لي وتب عليّ. قال النووي: هذا حسن. وأما كراهية: استغفر الله وتسميته كذبًا، فلا يوافق عليه، لأن معنى أستغفر الله: أطلب مغفرته، وليس هذا كذبًا، قال: ويكفي في رده حديث ابن مسعود بلفظ، من قال: "أستغفر الله الذي لا إله إلَّا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت ذنوب وإن كان قد فر من الزحف". أخرجه أبو داود في الصلاة (١٥١٧)، باب: الاستغفار"، والترمذي (٣٥٧٢) في الدعوات، باب: في دعاء الضيف، والحاكم في المستدرك (١/ ٥١١) ووافقه الذهبي.
قلت: هذا في لفظ: أستغفر الله الذي لا إله إلَّا هو الحي القيوم، وأما وأتوب إليه، فهو الذي عنى الربيع -رحمه الله- أنه كذب، وهو كذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>