يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - نرل ما سيقع مما أخبر الله أنه سيقع منزلة الواقع للقطع بوقوع ما علق به الأمر من باب (ونفخ في الصور) وأمثاله، وهذا على تقدير أن الآية نزلت قبل الفتح، وقال البرماوي: إن الذي عليه أئمة التفسير أن المراد بالفتح: فتح مكة، ونصر الله: الانتصار على قريش، وبدخول الناس في دين الله أفواجًا أي: زمرًا. الإشارة إلى طوائف العرب، وهم الذين دخلوا في دين الإسلام، وأن الآية نزلت في أيام التشريق في حجة الوداع. اهـ. قلت: إذا تم هذا عاد الإشكال الآتي وهو الإتيان بإذا في أمر قد انقضى وهي موضوعة للاستقبال، وقد أخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار. نزلت سورة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} [النصر: ١] كلها بالمدينة. وأخرج ابن أبي شيبة: وعبد بن حميد والبزَّار وأبو يعلى وابن مروديه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوسط أيام التشريق بمنى وهي في حجة الوداع، والأحاديث عن الصحابة تفيد أنها نزلت عليه هذه السورة بعد الفتح، فيرد إشكال استعمال إذا للماضي الذي أشار إليه الشارح. وجوابه ما صرح به ابن هشام في مغني اللبيب أن "إذا" تخرج عن الاستقبال فتجيء للماضي كما جاءت إذا للاستقبال وذلك كقوله: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا} [التوبة: ٩٢] وقوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: ١١] فيحمل الحديث على ذلك.