ومن الفوائد الغريبة: حكاية وجه ثالث عندنا في النجاسة: أنها إن كانت على البدن وجبت النية في إزالتها، وإن كانت على الثوب فلا.
والجواب عن الثاني: أن المراد منها الصيانة عن العيون فليس عبادة محضة.
وعن الثالث: أنها إنما صحت بالنسبة للزوج للضرورة، إذ لو لم نقل به لتعذر وطئها ونكاحها، ولهذا لا تصح طهارتها في حق الله
فليس لها أن تصلي بتلك الطهارة إذا أسلمت.
فإن قلت: الحديث المذكور عام مخصوص فإن أداء الدين ورد الودائع والأذان والتلاوة والأذكار وهداية الطريق وإماطة الأذى: عبادات، فتصح بلا نية فتضعف دلالته حينئذٍ وتخص عدم اعتبارها في الوضوء أيضًا.
فالجواب: أن ما عُدَّ وادُّعِي فيه الصحة بلا نية إجماعًا ممنوع حتى يثبت الإِجماع ولن يقدر عليه، ثم نقول: النية تلازم هذه الأعمال فإن مُؤدّي الدين قصد براءة الذمة وذلك عبادة، وكذا الوديعة والأذكار والتلاوة والأذان بصورهن عبادة، ولا ينفك تعاطيهن عن القصد وذلك نية، ومتى خلون عن القصد لم يعتد بهن عبادة، والهداية والإِماطة مترددة بين القربة وغيرها وتتميز بالقصد، [وقد قال الرافعي في "الكفارات": وقول الغزالي في (الوجيز) يصح الإِعتاق والإِطعام من الذمي بغير نية القرب، فأما نية التمييز فتشبه أن يعتبر كما في قضاء الديون، وما قاله صحيح وقد