ثم وقع الإِجماع على خلاف ذلك والرجوع إلى فعله - عليه الصلاة والسلام - وصاحبيه.
وقد فرق العلماء بين صلاة العيد والجمعة بفروق.
أحدها: أن خطبة الجمعة شرط لصحة الصلاة، وشأن الشرط أن يقدم.
ثانيها: أن الجمعة فريضة، فأخرت ليدركها المتأخر، لا سيما ولا تقضى على وجهها بخلاف العيد.
ثالثها: للتمييز بين الفرض والنفل.
= لا يستحق السب والإِفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه، ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانًا، بخلاف مروان فواظب عليه، فلذلك نسبه إليه، وقد روي عن عمر مثل فعل عثمان، قال عاض ومن تبعه: لا يصح عنه، وفيما قالوه نظر، لأن عبد الرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعًا عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن يوسف بن عبد الله بن سلام، وهذا إسناد صحيح. لكن يعارضه حديث ابن عباس المذكور في الباب الذي بعده، وكذا حديث ابن عمر، فإن جمع بوقوع ذلك منه نادرًا وإلَّا فما في الصحيحين أصح، وقد أخرج عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس وزاد "حتى قدم معاوية فقدم الخطبة" فهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعًا لمعاوية لأنه كان أمير المدينة من جهته، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري قال: "أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية" وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة. قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان، لأن كلاًّ من مروان وزياد كان عاملًا لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله، والله أعلم. اهـ.