للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خرقها (١). ولهذا كان - عليه الصلاة والسلام - عند اشتداد هبوب الريح يتغير، ويدخل ويخرج خشية أن تكون كريح عاد (٢) وإن كان


(١) قال شيخ الإِسلام في الفتاوى (٢٤/ ٢٥٩): وهذا بيان منه - صلى الله عليه وسلم - أنهما سبب لنزول عذاب الله بالناس، فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه، وعصوا رسله، وإنما يخاف الناس مما يضرهم، فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفًا، قال تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)} وأمر - صلى الله عليه وسلم - بما يزيل الخوف أمر بالصلاة والدعاء، والاستغفار، والصدقة، والعتق، حتى يكشف ما بالناس وصلى بالمسلمين صلاة طويلة.
(٢) البخاري في تفسير سورة الأحقاف، باب: فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم، وفي الأدب، باب: التبسم والضحك، ومسلم (٨٩٩) في الاستسقاء، باب: التعوذ عبد رؤية الريح والغيم، والبغوي (٤/ ٣٨٩) من حديث عائشة، وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس بلفظ "كان إذا هاجت الريح استقبلها بوجهه وجثا على ركبتيه ومد يديه" ... إلخ الحديث.
قال الصنعاني في حاشيته على أحكام الأحكام (٣/ ١٨٧): أقول: فرق بين المشبّه والمشبه به، فإن الله -تعالى- قد عرفنا بالأمرين في الريح بأنها تكون رحمة وقد تكون عذابًا، فتحصل الخشية عند هبوبها، بخلاف الكسوف فإنه لم يعرفنا إلَّا أنه يكون تخويفًا، ولم يعرفنا أنه يكون لأجل الحساب، نعم لو ثبت عن الشارع ما ثبت في الريح وقلنا به وحملناه عليه، ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ريح يفزع عند هيجانها "اللهم اجعلها ريح رحمة ولا تجعلها عذابًا" لأنها قد عرفت بالأمرين، وأما الكسوف فإنه أخبر بأنه تخويف لا غير وأمر العباد أنهم إذا رأوه صلوا ودعوا حتى ينكشف ما بهم في كل كسوف اتفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>