للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكسوف ما ادعوه، ومن أين عرفوا ذلك، أبالعقل أو بالنقل؟ وكل واحد منهما إما بواسطة نظر أو بغير واسطة، ودعوى شيء من ذلك ممنوعة، وغايتهم أن يقولوا. ذلك مبني على أمور هندسية ورصدية تفضي بسالكها إلى القطع، ونحن نمنع أيضًا ما ذكروه إلى القطع وهو أوّل المسألة، ولئن سلمنا ذلك جدلًا لكنا نقول يحصل بهما تخويف العقلاء من وجوه متعددة،

أوضحها: أن ذلك مُذَكِّرٌ بالكسوفات التي تقع بين يدي الساعة، ويمكن أن [يكون] (١) ذلك الكسوف منها، ولذلك قام - عليه الصلاة والسلام - فزعًا يخشى أن تقوم الساعة، وكيف لا؟ وقد قال تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)} (٢) قال أهل التفسير: جمع بينهما في إذهاب نورهما. وقيل: غير ذلك وأيضًا فإن كل ما في العالم علويه وسفليه دليل على تفرد قدرة الله وتمام قهره باستغنائه، وعدم مبالاته، وذلك كله يوجب عند العلماء بالله خوفه وخشيته، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٣). فاصحاب المراقبة له ولأفعاله الذين عقدوا أبصار قلوبهم بوحدانيته وعظيم قدرته على خرق العادة واقتطاع المسببات عن اسبابها إذا وقع عندهم شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة اعتقادهم في فعل الله تعالى على ما يشاء، وذلك لا يمتنع أن يكون ثم أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله


(١) في ن ب ساقطة.
(٢) سورة القيامة: آيات ٧ - ٩.
(٣) سورة فاطر: آية ٢٨. إلى هنا ينتهي نقله من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>